31‏/05‏/2007

أطفال المترو 2 .. والمواطنة





في البداية أحب أن أنوه إلى أن تاريخ هذه القصة يسبق ما أثير حول مصطلح "المواطنة" في التعديلات الدستورية الأخيرة.








نزلت من المترو في محطة "رمسيس" أو "مبارك" -(متفرقش كل واحد منهم طاغية كبس على نفس شعبه فترة طويلة)- توجهت إلى اللافتة المشيرة نحو اتجاه حلوان قاصدا نقابة الصحفيين التي تقع في محطة "الإسعاف" أو عبد الناصر، بمجرد نزولي وصل إلى مسامعي صوت بكاء مكتوم لم يلفت نظري كثيرا، ولكن كلما اقتربت من اتجاه حلوان كان الصوت يقترب... ويزداد، تبينت الآن مصدر الصوت، إنه فتى صغير يبكي والناس تقف لتسأله فلا يجيب وسرعان ما يتركه من وقف يسأله ويمضي في طريقه، عندما وصلت إليه كان الفتى يبكي بطريقة هيستيرية أشبه بالنحيب، وكان رجل وامرأتان يسألانه عما به.





الفتى لم يكن يجيب من حوله وكأنه لا يسمعهم أو لا يأبه لهم، الرجل بدأ يكلمه بانفعال مما دفعني إلى أضع يدي كتف الفتى بمجرد وصولي إليه، وافتعال موقف لأصرف الرجل، وأذهل الفتى بذات الوقت لعله ينتبه إلى من حوله.






وضعت يدي على كتفه وقلت بطريقة مصطنعة: الحمد لله... أخيرا لقتيك







ثم التفت إلى الرجل والسيدتين وقلت: معلش ابن عمتي وأول مرة ينزل مصر والمترو قفل قبل ما يركب.




انصرف الرجل ونظر الولد إلي سريعا بذهول ولكنه عاد ينظر في الأرض وكأنه يبحث عن شيء، أمسكت بيد الفتى بقوة وجذبته إلى أقرب مقعد وجلسنا، وضع وجهه بين كفيه وراح يواصل البكاء، أعطيته منديلا وأنا أقول له: إهدأ علشان نعرف نحل المشكلة مع بعض، لو فضلت تعيط مش هانعمل حاجة.








سألته: إنت تايه؟




لم يجب وراح يبحث في الأرض ثانية عن شيء ما



سألته: إنت إيه اللي ضاع منك؟





الولد: 10 جنيه






طبعا أخوكم كان كل اللي معاه 8 جنيه، والولد قالها وهو يبدأ فاصلا جديدا من البكاء بعد توقف دام ثانيتين، مما دفعني لتغيير الموضوع بسرعة.







- انت في سنة كام؟








- أنا مش في مدرسة.






- محاولا تصليح الوضع: طيب عندك كام سنة؟





ـ أنا عندي 11 سنة.




- طيب يعني كبرت أهو... ممكن تمسك نفسك شوية علشان نحل المشكلة؟







- الولد متماسكا بعض الشيء: حاضر.




- انت اسمك إيه يا حبيبي






- ماجد.



- ماجد إيه




- ماجد ﭽورﭺ.




- طيب يا ماجد العشرة جنيه دي وقعت منك فين؟








- مش عارف.. وبعدين دي بتاعت الأسطى، ولو رحت له من غيرها هيضربني!!.




طبعا أخوكم كان في موقف لا يحسد عليه، حيث إني كنت في طريقي للذهاب وما معي لن يكمل الـ10 جنيهات، والولد لا يطمع في أن أعطيه شيئا ولذا فهو يمشط رصيف المحطة بنظره جيئة وذهابا ويعيد البحث عن النقود في جيوبه، وعند كلمة هيضربني راح يشهق محاولا التماسك عن البكاء.






حسمت أمري وقررت أن أسير في طريق العودة حتى ميدان التحرير ثم العودة بالباص على زحامه ومشقته، وأخرجت سبعة جنيهات ونصف واحتفظت بنصف جنيه للباص، وقلت له: بص يا ماجد.. أنا مش معايا إلاّ دول.. ممكن تبقى تتصرف في 2 جنيه ونصف تكمل بيهم الـ10؟






- الولد بسعادة غامرة: آه أنا ممكن أجيبهم من الـ"بقشيش".



- طيب الحمد لله ... كده اتحلت




- عمو ... انت اسمك إيه؟



- اسمي (.... ....).




- طيب هقابلك تاني ازاي؟



- تقابلني ليه؟




- علشان أديك الفلوس ... أنا ممكن بكره أكون جمعتهم من البقشيش وأجيبهم لك..





- قاطعته قائلا: بص يا ماجد .. لما عمو بيديك حاجة بترجعها له؟





- الولد مبتسما: لأ.





- طيب ... مع السلامة يا ماجد




ودعت ماجد دون أن يراودني شك في أن ما فعلته هو واجب أخلاقي يمليه علي ديني، ولكني اكتشفت بعد ذلك أن هناك من يجهل .. أو يتجاهل أن المواطنة عند الإسلاميين خلق.



بقي أن أخبركم أنني قابلت أحد زملائي وروَّحت على حسابه.

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

تصدق ضحك عليك واستهفك

انت غلبان أوي وطيب يا..... اقول اسمك واللا بلاش

عيل زي ده يا كل بعقلك حلاوه

روح ياشيخ لو كنت أعرف ما كنتش روحتك على حسابي وكنت سبتك تشوفلك انت كمان محطة مترو عشان تعمل فيها تمثلية تانية زي صحبك


ياراجل فووووووووق لنفسك شوية
وأنا ان شاء الله هعملك فضيحة بين الأشاوس كلهم وأعرفهم قد ايه انت.....

غير معرف يقول...

ليت المجتمع يعلم بمثل تلك الوقائع الدالة علي ان الاسلاميين هم احسن الناس معاملة للاقباط واحسن الناس تطبيقا لمبدا المواطنة


كان ممكن تسيبو وتمسي ويا دار ما دخلك شر


بس شهاب الازهر هو شهاب الازهر

بس الواد اسمه حلو علي فكرة

شهاب الأزهر يقول...

مصراوي ... بالفعل ، المواطنة عند التيار الإسلامي خلق، في انتخابات 2005 سألت ناخبا قبطيا: من ستنتخب؟

فأشار على لافتة مرشحي الإخوان قائلا: "النخلة والكاس"

-: لكن دول بتوع الإسلام هو الحل.

-: عارف وعلشان كده بنتخبهم.. دول أحسن ناس بيعاملونا!!.