21‏/03‏/2008

إعلاميو النظام في مواجهة الإعلاميين الجدد

منذ فترة قصيرة زمنا -ليست بالقصيرة خبرة وحركة وأحداثا- قفزت أمامنا تجربة جديدة من الصحافة ونقل الوعي، فظهر ما اصطلح عليه نشطاء باسم الإعلام البديل، الذي ضم في ثناياه كل طرق إيصال المعلومة الجديدة، من مواقع ومدونات ومنتديات بل أيضا الفضائيات ومنابرها وما تتيحه، وحتى الصحافة الورقية التي تنجح في الإفلات من تحت مقصلة الرقيب –وليس قلمه- صار البعض يطلق عليها إعلاما بديلا.






ويبدو أنهم كانوا يعنون بهذه الكلمة كل إعلام بديل للإعلام المملوك للدول والحكومات، أو الإعلام الذي يتكلم بمساحة من الحرية تزداد عن تلك الهوامش الضيقة من الحرية الممنوحة في وسائل الإعلام الرسمية والصحف القومية.





بدأ الإعلام البديل ضعيفا مقصورا على نخب بعينها، وسرعان ما قفز على مانشيتات بعض الصحف، واحتل أولويات اهتمام بعض الشباب من مرتادي النت بلا هدف ولا هوية، حيث وجدوا من خلال المدونات وشباب الحركة الواعية -على اختلاف اتجاهاتها- أهدافا يجب أن توضع في حسبانهم ونصب أعينهم.






ويبدو أن الإعلام البديل عموما والمدونات خصوصا -بما أحدثته من جدل حولها لفت الأنظار إليها- بدأت تحدث صداعا في رأس من اعتادوا على التحكم في هوامش الحرية وما يقال وما لا يقال، ويبدو أن الانزعاج الأكبر كان من نصيب بعض أساطين الإعلام المقنن أو القومي المملوك، فقد بدءوا يرون أبراجهم العاجية يهددها بعض صغار المدونين، وصروحهم الشامخة بدأت بعض المواقع تنافسها من حيث عدد القراء وتفوقها في المصداقية.






وبدأت الحملة






من هنا بدأت الحملة، الحملة التي انطلقت شرارتها من الإعلاميين على الإعلاميين الجدد، فبدءوا يشنون حربا يشعلون أوارها ويضرمون نارها بأقلامهم ومحابرهم، بدلا من احتوائه وإفساح المجال لهم وتوجيههم دون الحجر على آرائهم، وأصبح من الممكن للقارئ العادي أن يرى جليا بين السطور استعداء السلطات -التي لا تحتاج إلى استعداء أصلا- على أصحاب الأقلام الحرة الذين وجدوا بديلا ومتنفسا ينشرون فيه آراءهم بعيدا عن مقص الرقيب ومقصلته.


وسرعان ما لبت السلطات النداء وبدأ التنكيل.. فهنا يعتقل مدون، وهناك يحال صحفي للمحاكمة العسكرية، وآخر يتهم بترويج شائعات لم يكتب قلمه عنها شيئا، وبين هنا وهناك يضرب ويستدعى ويهدد آخرون.. لا لشيء إلا لإسكات ذلك الصداع المزمن الذي أحدثه ذلك الإعلام البديل.





ولكن يجب أن نتساءل: لماذا بدأت الحملة من الإعلاميين والصحفيين؟ ألم يكن الأولى أن يكونوا المدافعين عن زملائهم؟ أم إن زملاءهم حقا خانوا شرف المهنة كما يدعون فوجب بترهم كما يستأصل الورم؟


الدخان يكون من غير نار أحيانا!




أحيانا عندما تقرأ صحيفة قومية تكاد تصدق ما تقرأه وتكذب عينيك، أو تميل إلى تصديق ما كتبوا إن لم تكن طرفا في القضية المطروحة، أو ربما تجزم بصحتها إن لم تكن صاحب علم بالموضوع.. أو على الأقل ستصدق بعضه على اعتبار أنه لا دخان بدون نار أو كما في المثل الشعبي "مفيش دخان من غير نار"، أما إن سبق لك موقف تعرفه وقرأت عنه في صحفهم فإنك ستقف مرارا وتكرارا متسائلا ومتشككا.. فأنت تعلم جيدا عدم مصداقيتهم.





بدأ ذلك معي عندما دخلت عالم التدوين، كان ذلك عقب اعتقال طلاب جامعة الأزهر على خلفية ما تم تسميته بمليشيا لأزهر، عندها كتبت عن طلاب أعرفهم من بين المعتقلين، أوضحت حقيقتهم؛ فأنا أعرفهم جيدا، ليسوا كما يقولون..







ما كتبته عن هؤلاء الطلاب في مدونتي نقله عني حينها أكثر من موقع من بينهم موقع طلاب جامعة الأزهر "azharway.com".. وبعدها فوجئت بمن يرسل لي هذا الخبر من جريدة الوطني اليوم: "المحظورة تخترق الإنترنت لتجنيد الشباب"، وذكرت في ثنايا الخبر -الذي كتبه هيثم سلامة الذي لا أعرفه ولا أعرف عنه شيئا- اسم مدونتين؛ مدونة أنا إخوان وما قمت بكتابته على موقع أزهرواي، تعجبت جدا حينها مما ذكرته الجريدة، حيث إنني أذكر أنني حينها لم أكن قد تعرفت على مدون واحد حتى يشتبه في محاولة تجنيده، وحينها عرفت أن دخان بعض الصحفيين من غير نار.











عندما تلوي الأقلام أعناقها

حينها أصبحت أتشكك في كلام كثير ممن يكتبون وأقف عنده إذا لاحظت فيه شيئا، وعرفت أن الكذب أحيانا قد يطل من بين السطور، وأن بعض الأقلام تلوي أعناقها لتخفي حقائق أو تكفي كذبا، وعلمت أنه عندما يواجه القلم المقال بالسجن والاعتقال فإن ذلك ما يكون إلا ضعفا في الحجة وعجزا عن المواجهة.

ولكنني أدركت أيضا أن حملة التشويه هذه لها ما وراءها، وما وراء حملة التشويه لن يقف عند المدونين فقط، بل ربما ينال ما هو أبعد.. وحدث ما كنت أتوقعه، فبعد حملات مطاردة وملاحقة بعض المدونين بدأت ألسنة الاتهامات والمحاكمات تمتد نحو الصحفيين.. فـ"إبراهيم عيسى" يضر باقتصاد الوطن بسبب إشاعة مرض الرئيس، على الرغم من أنه لم يكن من أشاعها ولم يروج لها.. مش مهم، وآخرون يحاكمون أمام القضاء بسبب تطاولهم على قضاة، على الرغم من أنهم لم يقوموا إلا بنقل ما يتردد في الدوائر التي زور هؤلاء القضاة انتخاباتها في إطار عملهم الصحفي.






ويبدو أننا الآن -بعد إغلاق الشعب وآفاق عربية والأسرة العربية- أمام محاولة استئصال كل منبر والتضييق حتى على الفضائيات والبرامج التي كانت تحظى بحرية نوعا ما مثل 90 دقيقة والعاشرة مساء وفي الممنوع.

صرير القلم أعلى صوتا

النظام الآن باقتحام بيوت الصحفيين وترويع أبنائه وتهشيم كل محتويات المنزل ومصادرة الأرشيف الصحفي يرسل رسالة واضحة، مفادها أن صمت الأفواه ومنع الكلمات لم يعد يكفي للهدوء الذي يريده، وأن صرير الأقلام يحدث ضجيجا وعلينا أن نوقفه.. أن نمنعه؛ لأن الضوضاء الصادرة عن صرير أقلامنا على الأوراق ونقرات أناملنا على لوحات المفاتيح صارت مبررا لملاحقتنا وتهديدنا، أو ربما محاكمتنا كإبراهيم عيسى وغيره، وقد نكون مثل عبد الجليل الشرنوبي فنطارد في الشارع وتهشم محتويات منزلنا ويروع أبناؤنا، وربما يصل الأمر إلى محاكمتنا عسكريا كأحمد عز الدين.



والسؤال الآن: هل سننتظر دورنا أم سنقف مع الصحفيين الذين تنتهك حريتهم؟!.





أنا متضامن مع عبد الجليل الشرنوبي.





هناك 14 تعليقًا:

جمعاوى يقول...

الأخ الكريم

شهاب الأزهر

بداية
======

فيينك الفترة اللى فاتت ..عل المانع خير ؟

ثانياً
=====
عن موضوع الإعلام البديل أظنه فعلا عمل " صداع " لحاملى المباخر و ماسحى بلاط السلطة و المطبلين و المزمرين للعصر المباركى


مدونات - صحف إلكترونية - منتديات ..و البقية تأتى


أنت قلت

" صرير القلم أعلى صوتاً "

أعجبتنى جدا تلك المقولة جدا ......و تساءلت أنت

هل سننتظر دورنا أم سنقف مع الصحفيين الذين تنتهك حريتهم؟!.


أقول


إنت شايف إيه ؟؟؟؟



أما عن موضوع المقال ...فلا تعليق الإ
" فكك منه "



أختم
" أنا كمان مع عبد الجليل الشرنوبى "

alshared يقول...

ما يسمي بالاعلام البديل هذا المصطلح فرض نفسه وبقوه علي الساحه الاعلاميه الراكده في مصر فهو الحجر الذي رمي في بركه الاعلام الراكده فحرك أمواجها وأعطاها شكلا أخر وحيويه رائعه

أنا معاك فعلا أن المدونات بدأت مع نخب معينه بس المدونات بقيت حاجه تفرح
ولذالك أصبح المدونون مستهدفون
في كتير من الناس في الشعب ده مستهدف لو مش بشكل مباشر عن طريق الاعتقالات يبقي عن طريق المضاياقات الامنيه والمنع من ممارسة الحقوق أو أخذها

عموما

أنا حابب أقولك أن الشعب كله بدأ يتحرك وبدأ يتكلم
فيه فئات من الشعب مستحيل أني كنت أصدق أنها تتكلم أو تشكي أو تتطلب حقها
الفئات دي بدأت تصحي وبدأت تتكلم وبكره تتحرك
أنا سمعت وشفت بنفسي الناس دي بقيت بتتكلم ازاي
ولولا كده مستحيل أني كنت أصدق

ألناس محتاجه شراره ومحتاجه قائد يلمهم حواليه
وللاسف مش لاقيين واللي ممكن يصلحوا للقياده لمعتقلين لمستأنسين

أنا واحد من الناس شايف اللي بيتعمل فينا وبحاول أتكلم بس مش شايف أمل
البلد بقالها 27 سنه طوارئ والريس ما تعرفش هو بيحكم شعب مين بالظبط بس اللي أنا متأكد منه أنه مش بيحكم شعب مصر

عموما عبد الجليل الشرنوبي مش هايكون أخر واحد يعتقل طول ما أحنا سلبيين ومش قادرين نطلب حقنا

أسف للاطاله وعدم الترابط في التعليق
وأرجوا أن تتقبلني بصدر رحب

تحياتي

أخوك

غير معرف يقول...

أخ شهاب
جزاكم الله خيرا على حسن الطرح
ونتمنى من الله أن يعيننا فى إخلاصنا لتقديم تلك الرسالة وأن يستعملنا ولا يستبدلنا
فى تلك المعركة
تقبل تحياتى

محمد يقول...

وأنا أيضا متضامن معه

الهجمة لا تقصد المدونات بوجه عام , ولكنها تقصد ما هو نظيف منها وهذه عادة حكوماتنا النظيفة


فينك يا أستاذ من فترة ؟؟

سمية-بنت البنا- يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المدون الفاضل ...

شهــــاب الأزهر ..

للأسف سيدي أصبح الان الهجوم علي الاعلاميين واقع نعيشه حاليا ..

في وسط صمت هنا وهناك ..

وصرخات وأهات وأنات .

صرخة من أم غاب ابنها خلف القضبان..
أهات من زوجة اعتقل زوجها الحبيب..
أنات من طفل رضيع يشتاق لرؤية والده الحبيب ..


ذلك لانه صحفي شريف أو انسان يدافع عن الحق والدين ..



وفي وسط هذا خرجت المدونات والمنتديات
المدافعة عن الحق ايضا ..

في البداية ....تعجبت لما حدث مع الصحفي الشرنوبي ..
كيف تأمنه الداخلية ..
وبعد 48 ساعة ..تتم مداهمة منزله ..

ولكني ...تذكرت اننا في بلد المضحكات المبكيات ..
بلد انتهاك حرمات وحقوق الانسان ...


أيحال صحفي غظيم وشريف مثل أحمد عز إلي محاكمة عسكرية ..

أيحقق مع انسان قال كلمة حق في زمن قل فيه هذا ..

وعجــــــبي يا بلــدي ...


ولكن من وسط هذا الظلام ..
يظهر لنا شعاع من نور ..
ليضي لنـا الطريق ..

فأبدا لن نجزع أو نستسلم أمام تلك المهبطات ..

ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين..

ألا إن نصر الله قريب ..

وكما يقول الشاعر ..

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ..
فرجت وكنت أظنها لا تفرج ..



عذرا للاطالة ...

بارك الله فيكم.
وثبتكم علي طريق الحق والدعوة دائما ..

أحمد سعيد علي الدين يقول...

أخي الحبيب شهاب الأزهر

أشعر أن الشعب المصري أصبح مستهدفا بجميع أطيافه وألوانه

أحيانا أشعر أن الامر ليس مجرد مجموعة من الفاسدين قدر الله أن يحكموا شعبا مسكين لا حول له ولا قوة فنهبوا ثرواته
وأذلوه

ولكن أشعر أن فسادهم لمجرد هواية الفساد
يبغونها عوجا وفقط

أنا متضامن مع عبدالجليل الشرنوبي ومع كل حر سخر قلمه لكلمة الحق

ِِAdem El-Mahdy يقول...

السﻻم عليكم

يا اخ شهاب
اى حاجة بتسحب البريق من عليهم ﻻزم يحاربوها

ﻻن البريق دا زادهم

فعﻻ هم لو البريق ده اتشال من عليه هيموتوا
مش رسال صحفيه او كده ﻻ
اى سلطة و جاه

علشان كده ﻻزم يحاربك
القضية عندهم مش اخوان او شيوعيين

و بس
و سﻻم عليكم

شهاب الأزهر يقول...

جامعاوي روش طحن.. أسعدتني رؤيتكم جدا.. بارك الله فيكم، والفترة اللي فاتت أخذتنا المحليات

شهاب الأزهر يقول...

الأخ الشارد.. المهم هو توظيف هذا الشعور بدلا من تضييعه أو تصريفه فيما لا يفيد

شهاب الأزهر يقول...

الأخ الفاضل عمر المصري.. آمين .. وجزاكم الله خيرا على التشجيع

شهاب الأزهر يقول...

وضاح.. موجود يا أفندم بس نعمل إيه في المحليات وسنينها

شهاب الأزهر يقول...

أختنا الكريمة سمية بنت البنا.. صدقت وأصبت كبد الحقيقة

وهؤلاء الذين يؤمنون صحفيا شريفا حتى يخرج ويفض اعتصامه ثم يكثون ويخونون عهدهم لا عهد لهم ولا ذمة

شهاب الأزهر يقول...

نور الأزهر.. كل حر وكل شريف صار مستهدفا في بلدنا، ولكن الأكثر إصلاحا والأكثر شرفا وتأثيرا وعدوى بشرفه يكون أكثر استهدافا

شهاب الأزهر يقول...

صدقت أخي الكريم آدم المهدي.. فإن للجاه والمظهر عبيدا يقاتلون في سبيل ذلك، ومن نازعهم في شيء من ذلك قاتلوه عليه بالسيوف

اللهم إنا نسألك الإخلاص والثبات