16‏/12‏/2008

غزة..ويستمر الصمود.. وتستمر الملحمة





"غزة بلا شموع"!! هكذا جاءتنا الرسالة ونحن صائمون يوم وقفة عرفات، تنحدر دمعتان وتتمتم الشفتان بالدعاء.

ولا تزال ملحمة الصمود مستمرة يا غزة.

ربما ونحن ندعو لغزة لم نكن ننتظر منها ومن أهلها ومن مرابطيها أن يخرجوا علينا بحماسة ملتهبة، وأن يعاودوا تأكيد نهجهم المقاوم، وأن يشدوا من أزر المقاومين الذين يجوعون بسبب اختيارهم لهم.

ربما كان غاية ما نتمناه هو أن تواصل غزة الصمود، الصمود في صمت، ولأطول فترة ممكنة.

لكن غزة فعلتها مجددا، حطمت كل توقعاتنا ووقفت شامخة عالية، أعلنت التحدي وجددت شد أزر المرابطين، خرج الآلاف من سكان غزة في ذكرى انطلاقة حركة حماس الـ21، وخرج علينا رئيس الوزراء الشرعي المقاوم إسماعيل هنية ليذهلنا ولتذهلنا غزة بصمودها.

غزة التي تعجب بعض أصدقائنا الأوروبيين من بقائها بلا حوادث شغب أو نهب جماعي رغم الحصار والتجويع، وقال إن الأمر لو حدث في مجتمع من دول العالم الأول لانطلقت أعمال النهب والتكسير والسرقة والفوضى.. تخرج غزة برغم كل هذا لتضرب أعلى المثل في التحضر والصمود.

تخرج مشتعلة الحماسة كما لو كانت في بداية طريق المقاومة، لا الأحداث وهنت عزمها، ولا التجويع ثبطها، ولا تخاذل الخونة ضرها...



عجيبة أنت يا غزة!!.

تعيشين في الظلام ولكنك تنيرين لشعوب الحضارة طريقها في التحلي بمكارم الأخلاق والصمود.. محاصرة ولكنك صرت رمز الحرية رغم أنف الأقوياء... صغيرة ولكنك ملأت الدنيا وملأت الأسماع والأبصار بأعاجيب أهلك وقومك.

أطفالك رجال يا غزة.. أنظر في عيونهم فأستمد منها الأمل، أرى الابتسامات على وجوههم رغم الجوع والظلام، أولئك المرابطون في وجه القوى الغاشمة الظالمة، ومن خلفهم أنظمة خذلتهم وشوهت صورتهم ولم تحم ظهرهم.. ورغم ذلك هم باسمون.



كلما ضاقت حلقات المحنة عليهم، كلما أبدعوا وضربوا لنا مثلا جديدا يذهلنا ويذهل العالم معنا، ولذا صرت كلما اشتدت الأزمة وزاد الخوف عليهم.. استبشرت بهم ولهم خيرا.

أنام.. فأحلم بغزة، أتذكر أصوات أصدقائي من هناك الذين لم أرهم، وتلوح صور من رأيت صورهم، أتخيل أن تراب غزة يفوح برائحة كرائحة العنبر أو الياسمين، كلما سمعت خبرا عنها.. انتظرت ما يصل من داخلها لتقر عيني ويطمئن قلبي.

أضع يدي على قلبي لغزة وأهلها، ولا أدري.. هل ينبض قلبي خوفا.. أم استبشارا..

يا غزة.. ليكن الله معك.




ليست هناك تعليقات: