يا صاحبة الجلالة ..
دخلت كل بيت .. بل دخلت عقل في المحروسة .. قرأك العامة والمثقفون، قرأك الكبار والصغار، بياناتك وفرماناتك في كل بيت، كل الناس يصبحون على أقوالك وتصريحاتك، ملكك وسلطانك قد أصبح صرحا مشيد، ونفوذك قد تعاظم وضم كل جديد.
لكن يا صاحبة الجلالة ... في بلاطك ... ومن بين خدامك ... من سطروا بياناتك بدماء الأبرياء، كتبوا تصريحاتهم بحرية الشرفاء، كذبوا عليك بدعوى حرية التعبير وحرموا الناس كل الحريات.. حتى رؤية الأبناء.
لقد لُوِّث بلاطك يا صاحبة الجلالة بما سطره كل جبان، لقد كتبوا في بلاطك الزور والبهتان، لقد ساعدوا بسلطانك أعوان الطغيان.. فظلموا الإنسان .. وحرموا الأطفال من الأمان .. وأمسى البسيط في بلادنا جوعان.
يا صاحبة الجلالة .. انزلي من صرحك وطالعي ما قد نُشِر، باسمك على الأرصفة عبارات كل كذاب أشر، من كل مغرور ظن أنه بالزور منتصر، من كل من استحل أموال البشر، وباتت العقول من كتاباته في خطر.
ألم تعرفي يا صاحبة الجلالة ما كتبه الأفاقون؟؟ كتبوا لذوي السلطان يغوون، وعن الشرفاء يكذبون، وبالباطل يتغنون، وفي الحقائق يدلسون، وعند حقائق ظلم ذوي الطغيان هم الصامتون .. هم المعرضون ..
ألم تسمعي البسطاء؟؟ هل تعرفين ماذا يقولون؟؟ يقولون إن كتابك موصولون، وإن ظهورهم محمية فلا تحاسب البطون، وإنهم من المساءلة محفوظون، فليكتبوا ما يشاءون، وليمدحوا من يشاءون، وليسبوا من يشاءون، وكل ذلك لحساب اللبطون.
اطرديهم يا صاحبة الجلالة.. اطردي الأفاقين والمنافقين، اطرديهم فقد ونظفي بلاطك وحاشيتك، اطريهم فقد غنوا في محافلك كالغراب، اطرديهم فقد نهشوا اللائذين بحماك للدفاع عن حقوقهم كالذئاب، نهشوهم بأقلام كأنياب الكلاب.
اطرديهم على كثرة الأموال التي تمول بها صحفهم .. فهي حرام، أموال ينشرون بها عهد الظلام، ويساندون اللئام.
اطرديهم واستبدلي بهم أقلام الأحرار، استبدلي بهم أبناء الإصلاحيين الشرفاء الذين رضعوه لبنا خالصا سائغا حلالا ولم يرضعوه خمرا نقاعا حراما، استبدلي بالكتاب الكذبة .. والذين هم للفساد سدنة ، الأقلام المضيئة التي لم تتلوث أقلامها بدماء المحترقين ولا الغارقين، ولا الذي قضوا نحبهم في جوف المعتقلات بتحريض ذوي السلطان عليهم.
استبدلي بالأقلام التي امتلأت محابرها من أموال البسطاء .. أقلاما أحبارها مضيئة ندية لا تغش قراءها ولا تدافع عن الطغاة ولا تسكت عن حقوق الناس مهما كانت مكانتهم ومهما كانت مكانة ظالميهم.
اطرديهم يا صحبة الجلالة .. فقد سقوا أقلامهم سُمًّا .. وامتلأت محابرهم دَمًا ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق