06‏/10‏/2009

روح أكتوبر التي اختنقت

لم يهتف الصغار "تحيا مصر"، ولم يهنئ الكبار أنفسهم بانتصارات أكتوبر، ولم تتابع النساء أفلام أكتوبر كعادتها أمام التلفاز.. لم يتجمع أطفال العائلة حول التلفاز لمشاهدة عرض القوات المسلحة ولم يصفقوا وهم يرون الطائرات تمرق في السماء ككل عام.. حتى التبة المواجهة لبيتنا.. لم يتسلقها الصبيان ليرفعوا العلم في مشهد تمثيلي لعبور القناة ورفع العلم على خط بارليف.



ركبت المواصلات طوال شهر أكتوبر دون أسمع حديثا هنا أو هناك عن بطولات حرب أكتوبر كما جرت عادة المصريين، فقد حل مكانها الحديث عن الأزمة المالية العالمية والمنتظر منها على الأسعار.

أين ذهب الفخر بأكتوبر في مجتمعنا؟ وجوم عجيب وصمت مطبق علا وجوه المصريين وملك أفواههم، ماذا جرى لأهلي؟ ألم يحبوا الفرح ويتحينوا المناسبات والفرص لإظهاره واستعراض الكرامة والفخر والسعادة؟ لماذا لم أر بريق العزة والكرامة يلمع في عيون المصريين ككل عام في هذه الذكرى؟


روح أكتوبر احترقت!!


يبدو أن تساؤلاتي وجدت صدى، أو ربما وجدت تساؤلات أخرى مشابهة، حتى الصحف القومية.. اتفق كتابها مع كتاب الصحف المعارضة في أن هناك مشكلة ما، وإن اختلفت التعليلات والتأويلات.

والمتابع يلحظ انخفاضا متواليا في روح الانتماء عبر عدة مواقف أخيرة أظهرت تراجع هذه الروح، ودعنا لا نتشاءم ونقول "تلاشيها".. يظهر ذلك في احتراق مجلس الشورى وما تبعه من حرائق، والروح الانتقامية لدى البعض تجاه المال العام فيتوجهون نحوه بالنهب أو التخريب وغيره من حوادث تحرش جماعي في شوارع القاهرة.

يبدو أن روح أكتوبر قد اختنقت مع كل شعور بالفخر والكرامة يختنق كل يوم في نفوس المواطنين الواقفين في "طوابير العيش" (الخبز) أو المشحونين في "أوتوبيسات النقل العام" دون مراعاة لآدميتهم.

يبدون أن هذه الروح وهذه السعادة -المرتبطة وجودا وعدما بالكرامة والانتماء- قد احترقت تماما كما احترقت ظهور المصريين تحت السياط ظالمة في أقسام الشرطة التي يفترض أنها تحميهم، وتلاشت تحت وطأة البحث عن لقمة العيش، وتبخرت تماما كوعود المسئولين للمصريين.

لا أدري لماذا نتساءل عن روح انتصار أكتوبر والناس تتطلع لعبور جديد ونصر جديد؟ يبدو أنهم الآن يحيون نكسة لقمة العيش والأخلاق والاستبداد والفساد، وينتظرون أن يعبروا قناة الفقر وأن يقهروا عدوهم (الفساد، التدني الأخلاقي) وأن يرفعوا علم العدالة الاجتماعية والتقدم والمساواة والمساءلة القانونية والدولة القانونية لا الأمنية.

إن شعور المذلة والخوف على لقمة العيش وافتقاد الأمان قد قتل روح أكتوبر، وولد شعورا بالفردانية، فالكل يبحث عن نفسه وملذاته.. وليكن من بعده الطوفان، الكل يأسف.. ولا يجد مفتاحا للحل، يئن.. ولكنه لا يرى خلاصا عاجلا أو فرجا قريبا.

إن روح أكتوبر ستعود وسيحتفل بها المصريون بسعادة غامرة إذا ما عالجت الحياة الكريمة قلوبهم، ويحيونها واقعا في مجتمعاتهم التي تنصفهم وتعطيهم حقوقهم وتضمنها لهم، حينما يشعر بآدميته وأنه يستحق وطنه وأن وطنه يستحقه.

حينها فقط سيحزن المصريون إذا تلفت ممتلكات الدولة ومنشآتها، وسيسعدون بذكرياتهم الوطنية، وسيكدحون من أجل مجتمعهم، مجتمعهم هم.. لا مجتمع الكبار. (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)

هناك 8 تعليقات:

غير معرف يقول...

ابن الأزهر: حتى احتفال الحكومة والحزب الوطني بذكرى الانتصار أصبح باهتا وكئيبا، وبالفعل نحن في حاجة إلى عبور جديد يخلصنا من المستعمرين والمحتلين، فالمحتل الآن من أهلنا واسمه محمد وأحمد وربما يأكل معنا الفول ويلبس الجلباب ولكنه يفعل بنا ما لم يفعله كرومر وإدوارد وأصحاب القبعات من الخواجات.
سنحتفل مرة أخرى بأكتوبر وسنشعر بلذة النصر عندما تعود مصر إلى المصريين، وتتطهر من العملاء الغارقين في الملذات أعضاء لجنة السياسات.

غير معرف يقول...

السلام عليكم اززززززززززيك يا عم شهاب واحشني جدا

ايوة كدة اكتب يا راجل ساكت ليه



يعني واحد واقف علي طابور العيش ساعتين وتلاتة يوميا تيجي تكلمه عن (روح) اكتوبر هيقولي يا عم (روح )اجري بلا اكتوبر

جمعاوى يقول...

عودا حميدا يا ريس

روح أكتوبر مااااااااااتت


ربنا ياخده اللى كان السبب

!!

مشروع انسان يقول...

نجحوا ان يعلموا الشعب كل معانى التخاذل وكل معانى السلبية

نجحوا انهم يسلبوا الشعب من كل المعانى اللى ترجعلهم الامل

نسوهم ماضيهم المشرق
عشان يخلوهم يتوغلوا فى حاضرهم البئيس

وللاسف انسقنا وراءهم كالقطيع

Unknown يقول...

أخى الفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتقد أن مانعيشه ونعايشه فى هذا العصر من أحباطات وصعوبات وفساد وإفساد كان سبباً فى صعود روح أكتوبر من جسد الأمة الذى أصبح جسداً بلا روح ...
وحسبنا الله ونعم الوكيل

أخوك
محمد

رفيدة الصفتي يقول...

لم يعد الناس يفكرون في مثل هذه الأشياء


فلم يعد همهم سوى السعي وراء لقمة

العيش.

كما لم تعد الدولة على الاهتمام الكافي

بمثل هذا وذلك لأنها أصبحت وباتت تفكر

كيف تشغل الرأي العام وتبعده عن

فضح فسادها وما آلت إليه من خلل

وذلك بنشر الجرائم التي تلهيه

عن حتى مجرد التفكير في الغد ومابه.



جزاكم الله خيرا على التدوينة

الرائعة..عودا حميدا أخي .

اقصوصه يقول...

كل شي تغير

قيمنا..تربيتنا..احاسيسنا

كل المفاهيم

بس الله يستر

شو بيتغير بعد يا ترى؟

حفيدة البنا يقول...

فعلا مفيش إحساس اللى بأه موجود دلوقتى السلبيه ورفع الرايا والاستسلام ولو حد فكر يتكلم هيقول بس داحنا كنا وكنا.. (و دائما نقول كنا)طب ماشى كنا وبعدين !! أمتى هنكون؟!(يا أمتى نريد أن نكون). جزاكم الله خيرا