19‏/05‏/2007

برغم القيود .. لا يزال الدكتور صلاح معلمًا

إلى الإصلاحي الأستاذ الجامعي الطبيب .. "صلاح الدسوقي"، الذي أحاله النظام إلى المحاكمة العسكرية هو وإخوانه من الدعاة، ورحلت أمه إلى بارئها وهو في محبسه .. أسطر بأناملي فيضا من بحاره التي نهلنا منها!!.
.
عرفت الدكتور صلاح الدسوقي معلمًا ذا باع، هادئا في شرحه، عقلانيا في نظراته، حانيا على المصيب والمخطئ.


لم أزل أتعلم منه كيف يختلف قبل الاتفاق، وكيف يوصينا بإخواننا خيرا ... لا أزال أذكر هذه المرة التي شد على أيادينا موصيا إيانا على إخواننا، ربما تكون هذه هي المرة الأخيرة التي التقيته فيه، تعلمت منه معنى جديدا حينها، غير من نظرتي لكثير من الأمور ووضع عندي معيارا جديدا ووضع في حساباتي شيئا جديدا..





لا زلت أذكره وهو يقول: "دول في عنيكم"، كان يقولها بكل جوارحه، حتى أنها التصقت بقلبي حينها وكففنا عن الأخذ والرد معه في الحوار، فهمت –أو شعرت وشعر الجميع- شعوره وخوفه ومحافظته علينا وعلى كل إخواني.



ربما لم ألتق الدكتور منذ فترة تقارب العام، ولكنه لا زال يأبى إلاّ أن يظل لي معلما، لا زال يعلمني بثباته وإبائه، يعلمني وهو في ظل المحنة، كيف يلقاها بقلب صابر ... تموت أمه التي كان يبرها كأفضل ما يكون الابن بارا بأمه وهو عنها بعيد في غيابات سجون الطغمة الحاكمة، يحرمونه من دراساته وعلومه ويأخذونه من أبحاثه ليضعوه في أماكن لا يستحقها إلاّ أمثالهم، يحرموننا معلما صادقا وأبا حانيا ليغيبوه خلف قضبان لا تليق إلاّ بهم.


آلمني كثيرا أن لا يشهد الدكتور الدسوقي مشهد أمه.. وهو الذي كان يوصينا بتفقد أهلنا وصلة أرحامنا حتى في أشد أوقاتنا انشغالا بالدعوة، وكان يوصي الإخوة المقيمين في المدينة من أبناء المدن البعيدة ألاّ يطول غيابهم عن أهليهم، وأن يبروهم ولو هاتفيا، والآن يحرمون رجلا كهذا من أن يعود أمه على فراش موتها.



ألا فليبك الظالمون على أنفسهم ألف مرة ...


كيف ستلقون أمًّا تركت الدنيا مشتاقة لرؤية ابنها الذي هو بار؟ بأي عذر ستقابلونها؟ وبأي كذبة ستردون لوعتها يوم تكشف الأسرار وتهتك الأستار؟ أي ثغرة حينها سيجدها مستشاروكم وقضاتكم ليترافعوا بها عنكم أو عن أنفسهم؟... يومها يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا.


كيف ستردون عن وجوهكم وأدباركم دعوات تلامذة وأبناء الدكتور الدسوقي الذين حرمتموهم علمه؟ كيف ستبررون طغيانكم على أستاذهم وأبيهم أمام قلوبهم الغاضبة وألسنتهم المتبتلة بالدعاء عليكم؟ كيف ستطعنون حينها على دعواتهم؟ وتستأنفون شكواهم لربهم؟ ... لا معقب حينها لحكمه .. ولا راد لقضائه.


اظفروا يا طغاة النظام ويا أتباعهم بأوزار لا قبل لكم بها، اظفروا بغضبات ودعوات لا طاقة لكم بنصفها.

يا رب خلص مصر من أعدائها *** وأعن على طاغوتها الملعون

يا رب إن السيل قد بلغ الزبى *** والأمر في كاف لديك ونون

باسم الفراخ الزغب هيض جناحهم *** فقدوا الأب الحاني بغير منون

وبكل أمٍّ روعوها في ابنها *** وبكل دمع في العيون سخين



صبرا أستاذي ومعلمي هكذا تثبت الآساد، صبر فإن جموعهم أمام عزمك آحاد، صبرا فلازلت فينا معلما حتى وإن خذوك خلف قيودهم تنقاد.



هناك تعليقان (2):

Mohamed Almohandes يقول...

بارك الله فيك أخى الفاضل، ورد الله إلينا د/ صلاح سالماً غانماً بإذن الله.
"ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون"

شهاب الأزهر يقول...

آميـــن

وبارك فيكم أستاذنا، وعجل فرج هذه الغمة