22‏/06‏/2010

أن تكون خالد سعيد..!!


لا أحد من المصريين يفصل بينه وبين أن يكون خالد سعيد إلا الصدفة، أو الحظ، والستر، أو سمه كما تشاء.. لكن لا شيء من القانون أو العقل أو احترام الآدمية، أو حتى الضمير والوازع الديني..
مجرد لحظة أو قدر يضعك مكان خالد سعيد، وتفاجأ بأنك من الذين استفز منظرهم أحد البهوات ليقرر فجأة سحلك أو ضربك حتى تهدأ نفسه الثائرة ويشفى تعطشه المتجدد للدماء..
.





قد تكون محظوظا حينها (حين تكون كخالد سعيد) وتقع في يد مصاص دماء مبتدئ فيروى عطشه باكرا، ويتركك مثخنا الجراح التي يتراوح عمقها وأثرها بحسب درجة تعطش الباشا.. وربما يقودك القدر لأن يوضع اسمك في القائمة مع خالد سعيد، لأنك وقعت في يد مصاص دماء متعطش ومسنود ولا قلب له ولا دين..
يفصل بينك وبين أن تكون خالد سعيد لحظات، بعد أن تكون سائرا على قدميك في الشارع تجد نفسك مضروبا أو مسحولا أو مقتولا؛ ليس لجريمة اقترفتها يداك.. ولكن لأن "الباشا عاوز كده".
أن تكون خالد سعيد.. يعني أن تكون مصريا، ممكن تسعد بقفا واحد من سعادة الباشا، وممكن تسعد بما هو أكثر من ذلك، انتهاء بأن تجود بروحك تحقيقا لنزوات الباشا وشفاء لرغباته السادية..
فالبشوات الذين كانوا يشفون رغباتهم السادية داخل الأقسام والزنازين اطمأنوا تماما إلى تحويل مصر إلى زنزانة كبيرة، والشعب هم المساجين المتهمين لديهم، والمتهم مدان حتى تثبت قرابته بواحد واصل يشفع له، وإذا لم تثبت فهو طوع يمين الباشا.
لقد طلع الصباح لذي عينين، هذه المرة لم يكن خالد سعيد إرهابيا ولا تاجر مخدرات حتى ينطبق عليه قانون الطوارئ، ولا حتى إخوانيا كما استقر في وعي الناس أن الإخوان مستباحي الحقوق والحريات.. شاب عادي، لكن الباشا شايف انه مش عادي، والباشا يشوف أحسن مني ومنك.. زي بالضبط ما شافوا انه مات باسفكسيا الخنق، رغم اننا كلنا شايفين أسنانه مكسورة وشفته مقطوعة وجمجمته مهشمة، لكنهم شايفين أحسن من 80 مليون مصري.
لا فائدة من المشي داخل الحوائط حتى، الباشا هيجيبك هيجيبك.. ولن يحول بينك وبين أن تكون خالد سعيد إلا إرادة المولى إن أراد أن ينجيك رغم انقطاع أسباب النجاة.. لا تمشوا بجوار الحوائط يا سادة.. لا تمشوا مطلقا.. موتوا قبل أن يقع اختيار مندوب شرطة أو مخبر عليك ليروي ظمأه الدائم للتعذيب؛ فلا ضمانة تحول بينك وبين أن تكون كخالد، ولا حتى الحائط الذي تم تربية المجتمع على المشي بجواره أو داخله.
ليرحم الله خالد سعيد.. وليرحم شعبا تحت مقصلة الطوارئ..

ليست هناك تعليقات: