29‏/06‏/2010

عاشت فرنسا خاسرة!!

عاشت فرنسا خاسرة!!


الفائدة العظمى للهزيمة هي أن تدفعك وتجبرك على مواجهة ذاتك ومراجعة حساباتك والإقلاع عن غيك والارتداع عن ظلمك.



لذلك كانت الهزيمة معلمة أكثر من النصر، فالمنتصر غالبا لا يراجع حساباته، بل يرى النصر ضوءا أخضر ليكمل على حالته بحلوها ومرها، بل يرى مرها حلوا، وعلقمها عسلا!!

ولذلك كانت من نعم الله تعالى على الناس أن يقصم الطغاة ويذلهم حتى يراجعوا تعاملاتهم مع العباد، بل من نعم الله على الطغاة أنفسهم لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا.

بهذه الحكمة اللطيفة صرح الشيخ محمد متولي الشعراوي تصريحه الشهير الذي قلب عليه رجالات الطواغيت بأنه سجد لله شكرا عندما سمع نبأ الهزيمة في 67، فهي بالفعل نعمة تستوجب شكرا.. نعمة أجبرت النظام الذي كان يخطو خطوات واسعة بعيدا عن الدين على أن يخرج رئيس نظامه أمام البرلمان ليقول: "الشعب يريد الدين، وأنا مع الشعب".

وما فتئ الله يؤكد سننه ويطبق نواميسه، وما فتئ عباده ينسون!!

وهكذا دخل المنتخب الفرنسي تصفيات كأس العالم مزهوا بمركزه كبطل أسبق ووصيف للبطل السابق، منتفشا بنجومه، لم يبال بالمؤشرات التي سبقت الكأس، صعد بهدف بيد مهاجمه، لكن مديره الفني زاد في غيه وخرج ليعلن في عنصرية بغيضة أنه لن يضم لاعبا من أصول عربية حتى لو تكررت أسطورة زيدان، جاءت كلماته قاطعة لمطالبات الكثيرين بضم كريم بنزيمة (ذي الأصول العربية) لمهاراته وكفاءته.

ترقبت أداء الديك الفرنسي متوقعا خروجا مبكرا، لكني لم أكن أتصور حينها أنه سيخرج من الدور الأول، لكن حكمة الله أبت إلا أن تكون فوق كل التصورات!!

وهكذا خرج أنيلكا ليقف في وجه المدير الفني العنصري، وتضامن معه زملاؤه بشأن القرار الصادر ضده، وفور الهزيمة الأخيرة والرجوع إلى فرنسا تمت إقالة دومينيك من منصبه كمدير فني رغم تقاربه واتفاقه في المواقف مع حكومة ساركوزي.

هكذا هتفت: تعيش فرنسا خاسرة!! تعيش خاسرة لأنها لم تتعلم من أخطائها ولم تراجع نفسها ولم تقف لتصحيح الأخطاء إلا بالخسارة والهزيمة؛ فهل يجب أن يصبح الفرنسيون على صدمة خروجهم من ركب الحضارة وموكب الإنسانية ليدركوا عواقب عنصرية نظام ساركوزي؟! أم ستكون مؤشرات تراجع قيم الجمهورية الفرنسية كافية؟!

إن المؤشرات على تراجع قيم "الحرية والإخاء والمساواة" تتوالى واضحة، فمن وزراء ينتقدون طريقة لبس "الكاب" لدى شباب الضواحي، إلى حظر للنقاب، وانتهاء بحجب قناة الأقصى.. وإذا تعللت حكومة ساركوزي في موقف من هذه المواقف فإن باقي المواقف فاضحة، وضم بعضها إلى بعض يجعل الأعمى يبصر التراجع والتدني.

على الفرنسيين أن يدركوا أنه ليس بالضرورة هناك هدف بيد هنري يدخل في غفلة من الشعوب ليجنبها عدم التأهل الحضاري، وحتى إذا تأهلت لماضيها وقيمها التي كانت فإن الماضي لن يدفعها كثيرا في الحاضر أو المستقبل ما لم تكن هناك عزائم على مواصلة الرقي القيمي، والتاريخ لن يرحم، وستسجل انحرافاتها عن قيمها التي قامت عليها الجمهورية.. سيسجل العنصرية والتفرقة والإقصاء وتكميم الأفواه.. وسرعان ما ستخرج من الدور الأول لمواكب الحضارة والإنسانية.

إن الذكي هو من يراجع نفسه أولا بأول؛ حتى في لحظات الانتصار، ومن يدرك بالمراقبة أولى مؤشرات الهبوط والتراجع ويستنبط الأسباب ويعالجها؛ لكن هناك من يحتاج الصدمة والهزيمة ليبصر الأبيض من الأسود.

أما البئيس فهو الذي يجمع إلى خساراته خسارات دونما اتعاظ أو ارتداع.. هذه هي خيبة الخيبات، أن تضم إلى الفشل فشلا في المراجعة الحقيقية والتعلم من الخطأ؛ فتتوالى السقطات حتى تصبح أصلا.

هناك تعليقان (2):

العلم نور يقول...

اصحى يا نايم ووحد الدايم ..

(حملة الجسد الواحد)

أرجوا من المدونين الموقرين أن يضعوا شعار الحملة واسمها فقط فوقها (حملة الجسد الواحد) في الشريط الجانبي لمدوناتهم كدلالة على وحدة صف أمة محمد

لمزيد من المعلومات

http://dndanh111.blogspot.com/2010/06/blog-post_14.html

جعله الله في ميزان حسناتكم .. آمين

Unknown يقول...

السلام عليكم ورحمة
الله تعالى وبركاته
مررت من هنا فى
بحثى لموضوع معين فما
اردت أن امضى بغير تحية
صاحب المكان والمارين به
جمعة مباركة بأذن الله