16‏/08‏/2010

أنا متضامن مع "شوكولولو" (१)

أنا متضامن مع "شوكولولو" (१)

أكتب هذه التدوينة بدافع الأسى والحزن، ليست تدوينة متناغمة مع الجو العام للشهر الفضيل، ولكنها تتناغم مع حالتي النفسية التي تقطر أسى على صديقي العزيز، وأخي الكريم..

طبعا لأنني لم أستأذن أخي الكريم في نشر اسمه فإنني سأرمز له بالرمز الذي اعتدت أن أطلقه أنا وهو على ما لا اسم له، حيث إننا نطلق عليه "شوكولولو" ومعناه "أي حاجة" وخلاص




أخي الكريم شوكولولو كبر وشب وبلغ مبلغ الرجال كما يقولون، وكغيره من الرجال، فقد دق قلب شوكولولو لأخت كريمة، ولأنه ليس كأي شاب، فقد سارع إلى أبيه حالما بالحلال..

شوكولولو شاب مرهف الحس، رقيق المشاعر، تراه فتحسبه لفرط أدبه وذوقه من شباب الطبقات الأرستقراطية، مع أنه فلاح ابن فلاح، تلطم في حياته لأنه ليس غنيا، فهو المتشعلق على أبواب الباصات والمحشور في سائر وسائل المواصلات، كما أنهم اعتقلوه مرتين، واحدة أيام القضاة، والأخرى لمناصرته الأقصى، ولكنه كان دوما يبرهن لي على أن الرجل يصنع سمته وأخلاقه، حتى إن أرادت بيئته غير ذلك؛ فلم تزده المحن إلا دماثة في الخلق، ولينا في الطباع.

كما أن شوكولولو خجول جدا، فهو لا يقبل بما نقبل به نحن، ولا يتطرق حديثه إلى ما تتطرق إليه أحاديثنا، وليس ممن يجيدون الخصام والجدال..

غير أن شوكولولو لم ينبت من بيئة مثله، ولم يخرج من بيت يحمل أخلاقه، فكان دائم التحمل الأذى كاتما إياه عن إخوانه، فلم يكونوا مثلا يعلمون بما يعانيه من بيته لإبعاده عن دعوته إلا مصادفة، وغالبا ما يكون ذلك من غيره، يعني مثلا من أخيه أو أحد جيرانه إذا تطرق حديث أحد الإخوان معهم عنه.

ولذا كان شوكولولو عندي مثالا على الصبر على محنته، وهو راض ومعتز بوضعه وكأنه يحيا في حديقة غناء وحوله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ولذا كانت عندي شكواه مصدقة، فهو لم يدأب على الشكوى والتململ، وحتى إذا شكا فإنه أقرب إلى بث حاله وإعلامك بمآله منه إلى طلب الشكوى التي نشكوها، فهو لا يضجر ولا يقول لك ما أصابه ساخطا، بل يقوله لك برضا، يعلمك فقط لأنه يحبك، لا يطلب منك غير الدعاء، بل ربما إذا تدخلت في مشكلته لحلها له حزن لغضب الطرف الآخر منه.

طبعا شوكولولو ليس ملاكا، إنه بشر، وكأي بشر فإنه لا يسلم من مآخذ ومثالب، منها كما أسلفت القول أنه أحيانا يكون أقرب إلى الاستكانة للظلم أو الاستسلام للبغي منه إلى الرضا والصبر، ومنه أنه لا يحزم ولا يحسم خوفا من زعل هذا أو غضب ذاك، وأشياء أخرى..

وربما مما كان يعطيني أملا في إقلاعه عن مثالبه أنه كان أحيانا (وأحيانا هنا بمعنى الندرة) يقلع عنها، مثلا مسألة دعوته كان حاسما فيها، ولم يلن يوما لضغط أهله، صحيح أنه لم يكن يواجههم بذلك، ولكنه على الأقل كان يواجه نفسه بذلك، وهناك بعض المسائل الأخرى التي تعد على أصابع اليد الواحدة..

لكنه على مثالبه، فإنني أرى مناقبه أكثر، ولذا كنت أحبه وأهتم لأمره، حتى بعدما فرقتنا ظروف العمل والحياة، فإنني كنت أحاول أن أكون دائم السؤال عنه ولو على فترات متباعدة.

شوكولولو حاولت أنا وبعض من إخواني أن نجعله أكثر تفاعلا مع الحياة، أو أكثر "خربشة" كما نقول، ولكنه لم يكن يتقبل التعليم في هذه الجزئية، ربما لأنه كان يرى أن سمته وأسلوبه دين يتعبد به، وأن طريقته كانت جزءا من مفهوم الالتزام بالنسبة إليه.

ولذا لم يكن ينطق بالألفاظ الجديدة المستحدثة، ولا يستخدم معجم ألفاظنا نحن الشباب وإن كان يفهمه، ولكنه على غير العادة استخدم من هذا المعجم لفظتين، واحدة استخدمها أكثر من مرة حتى صارت علما عليه أحيانا، ليس لأنه كان كثير استخدامها، ولكن لأنه لم يستخدم غيرها، إنها لفظة "شوكولولو" التي أرمز إليه بها هنا، ونعني بها أي حاجة وكل حاجة..

بالإضافة إلى ذلك، شوكولولو له صوت عذب بالتلاوة، وعين رقراقة بالصلاة، وأسلوب رائع مع الأشبال، ولذا كنت أعشق القيام بقربه، فإذا قسا قلبي رققته دمعاته وإذا جفت عيني استعبرتها دعواته..

أعتقد أنني الآن قد ألقيت لكم الضوء على جانب من شخصية شوكولولو صديقي العزيز وأخي الكريم، دعونا الآن نعود إلى القضية محل التضامن مع شوكولولو..

القضية هي أن شوكولولو قد قرر... يبدو أنني أطلت التدوينة، اسمحوا لي الآن بقطعها، على أن أعود إليكم لأقص لكم قصة شوكولولو..

ليست هناك تعليقات: