16‏/08‏/2010

أنا متضامن مع "شوكولولو"(२)

أنا متضامن مع "شوكولولو"(२)



عدنا إليكم سريعا لنكمل معكم ونقص عليكم قصة التضامن مع المسكين شوكولولو، بدأت القصة عندما قابلت شوكولولو خارجا من المسجد، كالعادة صافحني مبتسما، ولكنه على غير العادة شد علي راحتي بكلتا يديه، وكانت عيناه وابتسامته تحمل بريقا غير معتاد، ولكني لإرهاقي بعد يوم عمل، نظرت إليه متكاسلا ولم أسأله عن الجديد.



صحيح أن شوكولولو يبتسم دوما، ويقابلك بالترحاب حتى لو كنت قد آذيته توًّا، ولكن طريقته في ذلك اليوم كانت مختلفة، وكان علي أن ألاحظ ذلك في أخي الذي أعرفه جيدًا، أو إن شئت فقل كان علي أن أتفقد أحواله وأسأله، خاصة أنه بدا في حاجة لأن يقص علي شيئا.. ولكنني لم أكن أحمل تلك الروح الشفافة التي يحملها شوكولولو.



المهم أن شوكولولو مر على هاتفي مرتين في الليلة ذاتها، ولأنني كنت في أحد اللقاءات فلم أرد، ولأنني خرجت متأخرا ومنهكا فقد عدت لبيتي ونمت دون اتصال به.. وهكذا سأغرقك عزيزي القارئ في آلاف المبررات للتقصيرات المتوالية، غير أني أعرف شيئا واحدا، أن واحدا من هذه المبررات الألف لم يكن كافيا لهذا التجاهل لأخ رقيق كـشوكولولو.

وفي التالي ليلا اتصل هو مجددا لأرد عليه أخيرا، وبعد تعللات اتفقنا أن نلتقي في اليوم التالي لانشغالي في ذلك اليوم، المهم.. أنني قابلت شوكولولو، وظننت أنني بذلك قد أديت ما علي أو محوت آثار التجاهل الماضي، ولكن ما اكتشفته بعد حين أنني كان يجب أن أكون بجواره منذ اللحظة الأولى..

شوكولولو قصّ علي بانبهار كيف أنه فاتح والده في خطبته لفتاة من الإخوان، بالطبع هو لم يذكر لأبيه أنها من الإخوان، وكيف أن أباه بعد تململ وتمنع لأنه يرى له أخرى قد وافق متبرما، وقد ختم معه حديثه قائلا: اللي انت عاوزه يا شوكولولو، أنا شايف لك بنت عمتك آهي وعارفينها لكن اللي تشوفه.

طبعا كان شوكولولو يحكي لي وهو يطير فرحا بينما كنت أنا أحاول أن أسايره في فرحته حينا، وحينا آخر كنت أنظر إليه متسائلا في بلاهة: هو فرحان أوي كده ليه؟ كأنه أول أو آخر اللي هيتجوزوا!...

وكخطوة أولى طلب شوكولولو من مسئوله الإقدام على الزواج، وأبدى رغبته في الارتباط بهذه الأخت، وبالفعل فإن مسئوله أثنى على الأخت خيرا وقال له: بصراحة انت تستاهلها وهي تستاهلك..

ورتب مسئوله جلسة في بيت الفتاة كي يرى الفتاة وتراه ويتحدثا معا ثم تكون الاستخارة، وبعد الاستخارة بدا شوكولولو متحمسا أكثر للمشروع الوليد، وبدت الفتاة مولعة بالزيجة، وبدونا نحن لأيام وكأننا سنشهد قصة أشبه بروميو وجولييت ولكنها بنكهة إخوانية.

وبدأت أكثر من الاتصال بشوكولولو بصورة شبه يومية وأذهب لمقابلته كلما تسنت الفرصة كي أتابع آخر فصول الرواية التي يرويها شوكولولو بخجل شديد، ولا يبوح بأسرارها إلا إلى قلة قليلة جدا، وقد اختصني كعادته بالأسرار كلها، وكانت الأسرار تخرج بحساب حسب الحاجة لكل طرف إلا إلى أخيكم، فقد كانت تخرج ذرافات وبفرحة عارمة ولكنها هادئة كطابع شوكولولو.

بعد الاستخارة والموافقة المبدأية من الطرفين بدأت الزيارات المتبادلة بين العائلتين، والتي كانت قليلة بطيئة خصوصا من جانب أهل شوكولولو لأنهم كانوا لا يزالون على أمل زواجه بابنة عمته، أما شوكولولو فقد كانت فكرة الزواج بابتة عمته تزيده تمسكا بالمشروع الجديد، وربما كان يندب حظه لمجرد أن أهله فكروا في تزويجه من هذه الفتاة.

اللافت للنظر أن أبا شوكولولو لم يكن طرفا في أي زيارة، وقبل كل خطوة وبعدها كان يلمح من طرف خفي إلى موضوع ابنة أخته من جديد، ويعيد المقارنة، ويبرز ما يراه جوانب تفوق ابنة أخته على العروسة الجديدة من وجهة نظره؛ "بنت عمتك بيضة عنها"، "بنت عمتك أطول منها"!!، "جوز عمتك أغنى من أبيها"!!، "بنت عمتك جاهزة وأمها شارية لها كل حاجة"..

وقد لفت نظري عدم إقدام أبي شوكولولو حتى على زيارتهم، وحاولت سؤال شوكولولو عن ذلك، ولكنه في غمرة فرحه قلل من شأن ذلك، وقال لي: سيبه ياخد وقته وسوف يقتنع بها بمجرد أن يراها كما فعل الباقون.

ويبدو أن ثقته بعروسه كانت عالية أنها ستقنع أي أحد، وكذلك ثقة عروسه به أنه سيبهر أهلها، وقد فعل هو ذلك بأهلها الذين أحبوا شوكولولو جدا، وصاروا متيمين به، لكن يبدو أن أبا شوكولولو أبى أن يقتنع، ولم يكن منه أن رآها أصلا، ولكنه حصل على هاتف أبيها الذي كلمه متهما إياه بعمل "عمل" لابنه شوكولولو حتى يتزوج ابنتهم!!..

كانت مكالمة أبي شوكولولو كفيلة بإنهاء الموضوع واعتباره ميتا، ولكن يبدو أن أخلاق شوكولولو كانت مبهرة فعلا، ويبدو أن معاملاته أثبتت أنه عملة نادرة لدى أهل عروسه بصورة عالية.. ولذا لم ينته الأمر عند هذه المكالمة..

لقد أطلت عليكم مجددا.. فاعذروني.. واسمحوا لي بأن أعود إليكم قريبا حاملا لكم بقية قصة شوكولولو، وسبب تضامني معه..

ليست هناك تعليقات: