27‏/10‏/2010

شلوت الحسيني أشد إيلاما


شلوت الحسيني أكثر ألما

مررت على المروءة وهي تبكي *** فقلت علام تنتحب الفتاةُ

فقالت كيف لا أبكي وأهلي *** جميعا دون خلق الله ماتوا

لقد كانت ضربة قوية، ترددت أصداء صوتها الخافت المكتوم بعيدا، أبعد مما وصل إليه صوتها، أو حتى أبعد مما وصلت إليه الصرخات التي تعالت بعدها..

تهاوت أمام قوة الأصداء صروح، وتساقطت قمم، كل من لم يقف لها ويغضب من أجلها سقط.. وتهاوى، لقد كانت في منطقة نائية تحيط بها الأرياف، ولكن الحواضر والعواصم استيقظت لصداها، ربما كونها في بمنطقة ريفية زادها قوة..

حاولت مرارا وتكرارا تحاشي مشاهدة الفيديو الذي يصور ضرب فتاة بجامعة الأزهر الشريف، كنت قد سمعت عن الواقعة، ولكني كنت أسد آذاني وأمنع عيني أن تسمع أصداء الضربة الثقيلة، وأن ترى تساقط القمم العالية التي لم تتجاوب لبنت خرجت من بيتها تدرس العلم الشرعي فاعتدى عليها من يفترض بهم حمايتها..

لكن صوته كلماته كان أثقل على مسامعي من صرخات الفتاة الموجعة، أو حتى وقع الركلة القوية -التي منيت بها فتاة رفضت أن يقوم رجل بتفتيش حقيبة يدها الخاصة-، شعرت بجرح نافذ في كرامتنا، تسمّعت مرارا أنتظر رد فعل الأزهر الوضاء الشامخ الذي ضربت ابنته، فكان صوت رئيس الجامعة أكثر إيلاما..

"الطالبة استفززت الأمن.. والاعتداء سيناريو مسبق.. والدليل التصوير".. وصار الجاني مجنيا عليه، اعتبر الحسيني أن توثيق التعسف ضد بناته بكاميرا المحمول دليلا على نية الاستفزاز المسبقة، على اعتبار أن كاميرا المحمول ليس في يد البنات أصلا، أو ربما يرى أنهن اتصلن بالصحف والفضائيات التي نقلت الواقعة.

لقد أخطأت البنات، أخطأن حين استجدين مروءتنا، حين خاطبن كرامتنا، لماذا ينادون الموتى من السبات العميق، لماذا ينغصون علينا حياتنا ويذكروننا بما مات ومضى وألفنا الحياة بدونه وعشقناها من غيره؟؟

لماذا لم يرضين بأن يعبث ذلك الرجل الهائج بخصوصياتهن؟ ألا يعلمن أنه مستفز أصلا وأنه لن يضبط نفسه؟ أم أنهن يعشن في العصور الخوالي ويعتقدن أنه رجل أمن سيحميهن لا يضربهن..

لقد استحقت مروءتنا ذلك الشلوت يا د.عبد الله، وليست سمية أشرف، تلك الركلة هي لكرامتنا، ولنخوتنا، لم نعد أولئك العرب الذين يغارون لبناتهم وأخواتهم ويغضبون أن تنتهك المحارم، لقد كنت تدرِّس أدبهم ولغتهم وآثارهم، ولكن أخلاقهم علينا أن ندوسها الآن وأن نصم آذاننا عن نداء المروءة كي نعيش.. أليس كذلك؟..

ثم إن العرب ماتوا.. لماذا ينغصون علينا معيشتنا بأخلاقهم، ولماذا تعتقد سمية أشرف وأخواتها أننا ورثنا عنهم تلك الأخلاق؟.. لماذا أقف مدافعا عن طالبات العلم الشرعي في وجه عصابات الحرس الجامعي؟ ألذلك الخُلق الغريب الذي كان العرب يتحدثون عنه ويأنفون لأجله ويهبون لتحليهم به؟..

مررت على المروءة وهي تبكي *** فقلت علام تنتحب الفتاةُ

فقالت كيف لا أبكي وأهلي *** جميعا دون خلق الله ماتوا

أعتقد أننا كلنا نعاني من ركلة ذلك الـ"حارس".. إنه شلوت في المروءة، وكل الأنظمة المعنية بالواقعة ولم تقم بواجبها لن تستطيع أن تمحو عارها.. بدءا من الأزهر، ومرورا بالوزارة المعتدية وعلى رأسها الداخلية، وانتهاء بالمنظمات الحقوقية والنسوية التي لم نسمع صوتها وضجيجها الذي تملأ به الدنيا في توافه الأمور..

حتى الإخوان الذين لم يقوموا برد قوي وفوري لن يسلموا أبدا من اللوم، مهما كانت الاعتبارات والحسابات والموازنات والظروف.. أعتقد أننا جميعا لن نسلم، حتى أنا، وأنت أيها القارئ العزيز، فـ"شلوت سمية أشرف" وصلنا جميعا.

هناك 7 تعليقات:

المجهول يقول...

في آخر الزمان عزيزتي تنقلب كل المفاهيم .. ويصبح علية القوم أسفلهم وجاهلهم أعلاهم ..

جزاك الله خير الجزاء

د / أحمد يقول...

حسبنا الله ونعم الوكيل

غير معرف يقول...

آه! أخيرا وجدت ما كنت أبحث عنه. احيانا يستغرق الكثير من الجهد للعثور على قطعة صغيرة مفيدة حتى للمعلومات.

غير معرف يقول...

نحن مجموعة من المتطوعين وبدء مبادرة جديدة العلامة التجارية في المجتمع. زودت مدونتك الإلكترونية لنا معلومات قيمة للعمل بها. لقد قمتم بعمل رائع!

غير معرف يقول...

السلام عليكم
فعلا لديك كل الحق في ان الامر هنا خطير جدا
فاى مساس بالفتيات هو كارثه رهيبه
وللاسف ما كان له ان يفعل ذلك الا انه يعتقد تماما انه لن يعاقب
كما انه يشعر انه فوق الكل وان صلاحياته بلا حدود
هذه نتيجه طبيعيه لعقود من قوانين الطوارىء
حسبنا الله ونعم الوكيل

مدونةاكسجين مصر يقول...

السلام عليكم ممكن ان توضع مدونتى عندك الرجاء الرد فى مدونتى مدونة اكسجين مصر

بسمة الورد عطر المشاعر يقول...

ما يقال هنا حسبنا الله ونعم الكيل

لكى الله يامصر ويابناتها