09‏/03‏/2011

أون إسـلام..ابـن مـوت!


Kawther Alkholy‏ في 09 مارس، 2011‏، الساعة 11:06 صباحاً‏‏ (منقول)


كنت في الثامنة من عمري.. حين ولد إبن عمي حسن صرت في الثالثة عشرة حين مات. حسن عاش خمسة أعوام كان خلالها أمل الجميع ومحط إعجابهم فهو الأكثر وسامة والأكثر قبولا والوعد المؤكد بذكاء وحيوية غير مسبوقتين، وكالعادة كانت كل بنات العائلة اللاتي تم إنجابهن بعده قد وعدن بأن يكون عريسهن حين يكبرن.

وصل حسن إلى عظمة الحضور والتجلي قبل رحيله بليلة واحدة إذ تألق في سهرة عائلية أطلق على كل منا خلالها اسما بل وقد قال وهو ابن الخامسة "افيهات" جعلتنا نكاد نفطس من الضحك لكنه وعند انتصاف الليل تقريبا مال برأسه فغطى شعره الأسود الناعم نصف وجهه لتكون بداية الرحيل ..قالت لي أمي بعدها بسنوات كان حسن ابن موت.

و"ابن موت" مصطلح قاس جدا يعكس ندرة الجمال والكمال في هذا الكون فكل ما هو جميل عمره قصير قصييييير..بالأمس فقط كنت أتصفح التقرير اليومي للصفحات المشاهدة للموقع الوليد "اون إسلام" الذي لم يكمل عامه بعد، فإذا به في قمة التألق حيث ارتفع نسبة دخوله خلال شهر في الفترة من 7 فبراير إلى 7 مارس بنسبة 150 %، الارتفاع لم يكن مفاجئا فالفريق الذي أوصل الموقع السابق إلى أكثر من 300 ألف زائر يوميا هو نفسه يعمل لكن الإمكانيات اختلفت ..واقترب المهر من الخروج عن الطوق ورآه من لم يراه من قبل.

ابني الذي لم يكمل عامه الأول..أعلن في أيام رحيله الأخيرة أنه وعد وانه جميل وانه غريب وانه حلم كامل أولى به أن يبقى في ضمير الغيب حلما..

عرفت إذن معنى ابن موت إنها تلك الأشياء الجميلة جدا بدرجة لا تحتمل..إنها ذلك الكمال الذي لا يستقيم، وحياتنا الناقصة المشوهة التي أراد القائمون عليها ألا يعيش لنا إلا أبناء الحياة. لتعش إذا مواقع التطرف والتهريج، ولتعش مطبوعات مبتسرة ومزيفة وليموت كل هذا الجمال..لنعد إلى غربتنا إلى وحدتنا كما كنا .

نشيد الحياة

ليس نحيبا ولا حزنا انه نشيد الحياة حيث يستطيع الكل"بلا استثناء" أن يتجاوز الفقد..فقد البشر وفقد الحلم لكن رهاننا الدائم ولعله –مصدر الفرح الوحيد- أننا أبدا لم نرتض بمسخ الحلم ولو في حرف مما نكتب ..لم نقبل عبر اثنتي عشر عاما -مات البكري بعد عشرة منها "إسلام اون لاين" وصغيرنا الأجمل" اون إسلام" يموت الآن – لم نقبل من رئيس أو مرؤوس ما يخالف ما نعتقد..ما نرى.. ما نشعر به.

اون إسلام وقبله إسلام أون لاين.. ليس ابنا بيولوجيا لنا لكنه ابن العقل ابن الحلم، كان الغريب الذي نحتمي فيه من غربتنا في وطن لم نكن نعرفه ولم يكن يعرفنا، اعتبرنا أبناء غير شرعيين فاعتبرناه وطنا مخطوفا ينطق كل ما فيه بأنه ليس منا ولسنا منه، كان موقعنا هو البرق الذي أضاء ليلة حالكة في عمر أمه ..كما ولو انه ثورة الياسمين في تونس وثورة اللوتس في مصر...كما لو ان ثورة اللوتس تكاد تصبح ابن موت بعد ما جرى في أطفيح ومنشية ناصر..

كيف لهذا العالم القبيح أن يحتمل "حسن" العبقري الصغير أو أن يحتمل رصانة وعمق إسلام اون لاين أو أن يحتمل رشاقة وحكمة وتألق اون إسلام الذي يرحل الآن على وعد أن يأتي على رأس مائة عام أخرى فيمنحنا لحظة بلا غربة ويرحل تاركا جرحا جديدا.

أقول لكم كان موقعنا ابننا.. وطن حين اختطف الوطن، كان عالما من القيم في وقت سال فيه كل شئ في الوطن..حيث لا قيم ولا حدود ، كان الكتلة الصلبة الوحيدة في بحر سيولة كاملة، حيث مفاهيم ومعاني نستطيع أن نلمسها ونصل إلى حدودها ..في عالم جشع لا يعرف ما حدوده وما حدود الآخر.

اجتماعنا الصباحي لم يكن اجتماعا تحريريا عاديا لموقع على الانترنت، بل اجتماع لتحضير الأرواح العظيمة واستحضار رموز الأمة تاريخا وجغرافية أو كأنه أشبه بجلسة لعلاج المدمنين في مصحة علاج الإدمان.. نخرج بنقاء كامل وحماس وإقبال على الحياة، فالأساتذة خدعونا كل يوم وقالوا أن العالم جميل، رأيناه بعيونهم فكان بالفعل جميل ، لكنهم استردوا هذه العيون.

لا أخفيكم القول يا سادتي أن هذا العالم ليس جميلا.. ليس جميلا.. كيف يكون جميلا بينما يغيب سيف وحمدي ولا يأتيان بالقهوة الصباحية، أو لا يطلب ابني زياد أن يأتي ليرى صديقيه توفيق غانم وهشام جعفر، ابني لن يلعب مصارعة مع عمه أبو إياد ولن يلعب مع مالك ابن خالتو سمر.. لا أعرف كيف سأخبره انه لن يعمل في «أون إسلام» حينما يكبر رغم أني وعدته بذلك.. عفوا لن ارتضي له الخديعة ولن أقول له إن العالم جميل.. فالعالم ليس كذلك.

كوثر الخولي
8 مارس 2011

ليست هناك تعليقات: