22‏/03‏/2011

ثوار 25 يناير وأطباء "مرمرة" .. إلى ليبيا


أفراد القافلة
محمد البطاوي

انطلقت قافلة اتحاد الأطباء العرب من القاهرة في الساعة الثالثة عصرا ( بالتوقيت المحلي) في طريقها إلى الحدود الليبية .. ضمت القافلة أطباء من تخصصات مختلفة من بينها أطباء أوعية دموية وصدر وعيون وعظام وأسنان، كما ضمت القافلة صيادلة وطبيب امتياز أصر على الحضور رغم محاولات منعه.


كما اصطحب الوفد معه تركيين أحدهما كان على متن السفينة التركية مرمرة في أسطول الحرية إلى غزة، وصحفيتين فرنسيتين..


كانت الروح المعنوية للوفد مرتفعة للغاية، ورغم إدراكهم لحجم الخطر فقد كان إصرارهم على المواصلة أقوى، بل استعجال وصولهم إلى حد كبير، حتى إن مسئول الفوج د.هشام عيسى عندما أخبرهم أننا سنبيت الليلة في مطروح لأن إجراءات ترتيب الدليل وتأمين الطريق ستأخذ وقتا ولن نستطيع الدخول قبل غد؛ صاح به أغلب الأطباء: "لأ نبيت في السلوم"، وذلك حتى يكونوا قد اقتربوا أكثر وحتى يختصروا وقتا في اليوم الثاني بدلا من إضاعة ساعتين بين مطروح والسلوم، وأخذ د. هشام وقتا وجهدا لإقناعهم بالمبيت في مطروح..



خلال الطريق كان الوفد يتعارفون فيما بينهم بأن يقوم كل طبيب بتعريف نفسه وإلقاء عبارة موجزة عن مشاعره وسبب انضمامه.


كانت العبارات المتفائلة رغم إدراك حجم المخاطر كبيرا، وكان التفاؤل يبلغ مداه أحيانا، فعلى سبيل المثال.. يقول د.عبد العظيم أستاذ الكبد والجهاز الهضمي بجامعة المنصورة: "إن أولادي عندما أصروا على النزول إلى ميدان التحرير وقالوا لي لقد أهدرت 30 سنة من عمرك ولا ننوي أن نضيع أعمارنا كذلك، أثاروا فضولي لكي أنزل إلى الميدان، وعندما ذهبت لم أعد، لقد بدأ تحرير المسجد الأقصى من هذا الميدان.


وأضاف "بعد اشتعال أحداث ليبيا شعرت أن خطوة جديدة على طريق التحرير تتحقق، وأن الشعوب العربية يجب أن تعيش الحرية أولا واقعا في مجتمعاتها، وقررت الذهاب على الفور، ورغم فارق الدم والعنف في الحالتين؛ فإن ذلك لم يزدني إلا إصرارا".


د. محمد الخولي -الأب الروحي للفوج- الذي أتى من طنطا يقول: أبنائي أشعلوا حالة من الغيرة في داخلي، إنهم منذ 25 يناير يجمعون التبرعات ويسافرون إلى الواحات لمد المرافق والاحتياجات الأساسية للمنازل، أشعر أن حالهم تبدل منذ 25 يناير.. حتى أنني أصبحت أقول عليهم إنهم مواليد 25 يناير فهو مولدهم الجديد، واليوم لم أجد إلا أن أتشبه بهم لمد يد الغوث لمن يحتاجها".


د. حجازي طبيب الامتياز الأصغر سنا، أصر على الحضور بأي شكل ومسمى، حتى إنه قال لـ د.هشام مشرف الفوج إنه سيأتي ولو لغسل صحونهم وحمل أمتعتهم يقول منبهرا: كنت أتخيل أن الفوج سيكون كله من الشباب الصغار المغامر، لم أكن أعلم أنني سأجده كله من الأساتذة الكبار في الطب مثلكم، لقد كانت مفاجأة، الله يسامحكم .. لم تتركوا لنا دورا.. جزاكم الله خيرا.. كنت أظن أن الشباب الذي لم تثقله المسئوليات هو الذي سيأتي، كيف تركتم بيوتكم وعياداتكم ومستشفياتكم.. لقد سبقتم الشباب ولك تتركوا لنا إلا الأطباق والأمتعة لنغتم ولو طرفا من الأجر.


د. محمد عبد الرحمن تحدث بعد حديث الأتراك عن وحدة الأمة قائلا: "لقد اكتشفت أننا بعد ميدان التحرير نعيش حلم الوحدة بكل كياننا، فالأمة لا تزال واحدة في تراحمها وتوادها، والإغاثة والتراحم لا يزالان يؤكدان على هذه المشاعر، واتحاد الأطباء العرب ودوره الإغاثي جزاه الله خيرا يجعلنا نعيش هذا الحلم بين الحين والآخر".


وفي العلمين قابلنا مصريين عائدين من مدينة البيضاء الليبية.. أحدهم تحدث معنا قائلا: ظللت أعمل في ليبيا 8 سنوات، واليوم أفر بنفسي من جحيم القذافي، في البيضاء حرب حقيقية بين "زعيم" وشعبه، الطائرات تقصف والمرتزقة تهاجم.


وبعد أن التقط أنفاسه أضاف "حسني محمود" الذي ينتمي لمحافظة المنوفية بدلتا مصر: "أنا حاصل على بكالوريوس تجارة، ولكني كأي شاب لم يجد عملا.. سافرت لأعمل 8 سنوات في ليبيا كـ"مبلط" (عامل) ولم تتح لي الفرصة لأخذ أموالي من العملاء، وحتى إذا أتيحت الفرصة لم أكن لأطالبهم بها وأنا أتمنى لو أن معي مالا لأعطيهم إياه".


ويختم حديثه معنا ليلحق بالحافلة: "لقد كنا نقوم بإسعاف الحالات في منازل المواطنين لأننا نخشى من أن يقصف القذافي المستشفيات مجددا، أنا شخصيا لأنني أعرف مبادئ الإسعافات الأولية ظللت أعمل كممرض ومسعف فترة، ثم تركتهم حينما أجبرني أصدقائي المصريين على اللحاق بالحافلة التي وفروها بصعوبة لأنجو بنفسي وقلبي يتمزق على أشقائي الليبين".


على مشارف مدينة مطروح.. استقبلنا محامون من أبناء المدينة بسياراتهم واصطحبونا وهم يطلقون صافرات السيارات فرحا بقدومنا فيما يشبه الزفة، وعند وصولنا لمقر نقابة المحامين وجدنا وفدا منهم في انتظارنا واستقبالنا بحفاوة بالغة وأصروا على التسليم علينا ومصافحتنا فردا فردا، شعرت للحظات أن مستقبلينا هم أبناء الشعب الليبي من الحفاوة والفرحة التي استقبلونا بها.


داخل النقابة كانت عبارات التضامن مع الشعب الليبي والتأكيد على أن ثورة بنغازي هي امتداد لثورة التحرير، واحدة كتب عليها "سنتصدى بكل قوة لأي محاولة لمرور المرتزقة من الصحراء الغربية ودخولهم من السلوم"، وأخرى "لا لقتل وإبادة أحفاد عمر المختار"، وثالثة: "الشعب الليبي والمصري أشقاء".


وبعد أن قام المحامون بتسكيننا في شقق تابعة للنقابة أقاموا لنا حفل عشاء في أحد مطاعم المدينة ثم ودعونا على وعد اصطحابنا غدا إلى السلوم.


على العشاء تحدث إلينا المحامي حامد الحفيان معبرا عن فرحه بقدومنا، وبسؤاله عن أوضاعهم على الحدود مع الشعب الليبي قال إن بعض القبائل المصرية والليبية تتصل بعلاقات قرابة ونسب، ورغم أنه لا يتصل هو أو قبيلته (الحفيان) مع قبائل ليبيا بعلاقات نسب أو قرابة فإنه تألم لما أصابهم، وهو يرى أن ما يفعله من الترحيب بالقوافل الطبية وإيصالها هو أقل واجب ويتمنى لو كان بوسعه المزيد.

ليست هناك تعليقات: